انظروا إلى
الدجاجة! أنظروا كيف تمشى تتبختر وكأنها أجمل جميلات إناث الطاووس! تتعايق وتتعاظم
وهي ليست أكثر من دجاجة! مشكلتها بالطبع أنها حمقاء، ولها عقل بالكاد يجعلها تظن
أنها ستخدع بمشيتها المتعاظمة من يراها، فلا يدرك أنها ليست أكثر من دجاجة، وربما
تكون حمقاء لدرجة تجعلها هي نفسها لا تدرك أنها دجاجة! مجرَّد دجاجة، كائن حقير لا
يسكن إلا حظائر حقيرة مثله، بل إنه قد لا يسكن حتى الحظائر، وإنما قد يتعلق بأسوأ
الجدران، تلك المبنية بالطين، والمملوءة بالخروق والنتوءات، فمن من أصحاب البيوت
المحترمة يمكن لنفسه أن تطيب لو رأى دجاجة تقف على جدار بلكونة مزوَّقة؟! أو على
عتبة نظيفة لسكن آدمى راق؟!
الخلاصة
أنها ليست أكثر من دجاجة، لكن انظروا إليها! انظروا كيف تنظر إلينا! تهز رأسها
يمنة ويسرة، ترفعها لفوق، تنزلها لتحت، تنظر إلينا من أعلانا لأسفلنا، تنظر إلينا نظرة
متأفِّفة لا تليق إلا بسلطان مكين، أو بعذراء خارقة الجمال والدَّلال، لكن دجاجة!
لنلتمس لها العذر، إنها دجاجة، ودجاجة حمقاء،
وحمقاء جدَّا، إنها تنظر إلينا هذه النظرات وبتلك الطريقة المستفزة كي توهمنا أنها
كائن صاحب شان وشنشان، لكنَّا نعرف الحقيقة، الحقيقة التي لو أدركتها الدجاجة
لماتت كمدًا وغيظًا، إن الله احتقر الدجاج، فوزع عيونه إلى جوانب رؤوسه، وهكذا
حُرِمَت الدجاجة من وجود وجه لها، وصارت رغمًا عنها تُميل رأسها هكذا وهكذا لتستطيع
المسكينة أن ترى، ولأن بعضًا من الحمقى مثل الفئران والصراصير والكلاب انخدعوا
بحركة رأسها وأظهروا لها الاحترام ظنَّت أنها خدعت كل العالم، ثم ظنَّت أن العالم
ليس أكثر من فأر وصرصور وكلب، فأيقنت أن الكل حتمًا احترمها، وأن الكل حتمًا سيبقى
يحترمها، وأنها محترمة، محترمة جدًا، محترمة لأقصى ما يمكن أن يسمو إليه هذا
الاحترام!
***
مغارب شمس القرى
شجيَّة ومُبكِية وآنَّة وأَسْيانة، هذه هي مغارب قرانا، ليس لها مثيل في تفتيت
القلوب وتشتيت الأرواح، مغارب تقبض على الحِراب وتأسِر الكائنات كي تتوقف رغمًا
عنها وتلقى نظرة تأمل للكون، أو تزفر زفرة خشوع لخالق القرى ومغارب القرى، الكلاب
تعوي، قائمة أو مضطجعة أو قافزة بين زروع الحقول، تمأمئ قطعان الماعز، تموء القطط،
تفح الثعابين، ويمشى ابن آدم جارَّا بهائمه في سكينة مهيبة، البيوت كأنها تقعي بعد
وقوف النهار، لتتحصَّن ببعضها في مواجهة رهبة الليل.
في المغارب والشمس ما زال سنُّها الذهب يبدو من خلف قمَّة
جبل الغروب، والضوء الكابي يستميت في مواجهة الظُّلمة القادمة، والكائنات كلها
تتهيأ لصَحْو يمتد لما بعد تناول وجبة العشاء، الدَّجاج وحده الذي ينكمش متلاصقًا
داخل العشش، وقد نَكَتَ مناقيره في ظهوره بين أجنحته وأغمض عيونه، لا يفكر ولا
يتأمل ولا أي شئ، فقط ينام سريعا بهذا الشكل المخزي، بعد أن يكون قد قأقأ قأقآت
سريعة غاضبة إثر حِدَّة التلاصق.
القأقأة في حد ذاتها نقمة من نقم الله خص بها الدجاج، فهو
يقأقئ دائما، فقط يقأقئ، إذا نكت الأرض بمنقاره قأقأ، وإذا نكش الأرض بساقيه قأقأ،
وإذا شرب قأقأ، وإذا رأى دودة قأقأ، وإذا بزق قأقأ، وإذا ارتمى على الأرض ليتمطى
قأقأ، إنه لا يكف عن القأقأة، حتى عندما يقع عليه الضَّيم يقأقئ، وإذا اعتُدى عليه
واحتلت أسراب البط أو جماعات الإوز عشته لا يفعل شيئا سوى القأقأة، وهذا ما فعله
الدجاج في هذه الليلة المفزعة.
***
لم تكن هناك
أية بوادر تشير إلى أن هذه الليلة ستكون مريعة، فالبدر مستقر في وسط سماء صافية، لا
عواصف أو أعاصير، ولا حتى ريح قويَّة نسبيا، الكلاب لا تنبح، الإوز لا يصيح، الحمار
لا ينهق، والدجاجات داخل العشة متلاصقة، كلها متلاصقة، ما عدا دجاجة وحيدة تبدو
أصغر سنَّا وأجمل شكلاً، إذ أن ريشها متعدد الألوان البرَّاقة، مثل ريش ذيل ديك، ساقاها
طويلتان، رشيقة، رشيقة رغم وجود عيب خطير بها لا يتواءم أبدا مع الرَّشاقة،
فالرَّشاقة زادها الثِّقة، ومن أسباب الثِّقة هي أن ترى جيدًا، أن تكون لك عينان
مبصرتان، لكن هذه الدجاجة كانت عمياء! نعم عمياء، عيناها مفقوءتان، مفقوءتان
تمامًا، ربما فقأهما قط غاضب أو ثعلب خائب، ربما دخلت في كومة من جَرِيد النَّخل
ففقأ الشَّوك عينيها، ربما أشياء كثيرة عجيبة يمكنها أن تتسبَّب في حدوث أشياء
أخرى أعجب من ضمنها أن تنفقئ عينا دجاجة مرَّة واحدة فتصير عمياء، وكذلك من ضمنها
أن حدثًا مريعًا وفظيعًا يمكنه أن يقع ببساطة دون أن تكون هناك أيَّة بوادر تشير
إلى ذلك.
***
ما الذي يمكنه
جعل ليلة ما مريعة وفظيعة بالنسبة لدجاجة ما غير ثعلب ما؟! ليس غير الثَّعلب، هذا
الكائن الفائق الذكاء درجة تجعله يتمكَّن دائمًا من خرق الدِّفاعات التي يُقيمها
ابن آدم لحماية الدجاج منه، ودائمًا يُغِير ويفترس ويهرب دون أن يشعر به أحد، لا
ابن آدم ولا كلب ابن آدم.
لهجمة الثَّعلب فَزْعَة ضارية، فَزْعَة تضرب قلوب الدجاج
بالهلع، هلع لن يتخيل بشاعته أحد إلا إذا استطاع أن يتخيَّل نفسه دجاجة في عشَّة
محكمة الغلق يهاجمها ثعلب جائع من منفذ وحيد مسدود بجسد الثعلب نفسه، إن رأس
الثَّعلب يبدو بالغ الضخامة، بالإضافة لكون هذا الرَّأس ضخم بالنِّسبة لحجم دجاجة،
فإن ظُلمة الليل تضخمه عدَّة مرَّات، ثم إن الرعب ذاته يضخِّم رأس الثَّعلب مئات
المرَّات، لتبدو الأنياب وكأنها أشرعة مراكب نيلية، والأذنان سهما شيطان فاتك،
وعيناه فوَّهتا فرن متأجِّج بالجَّحيم، وهذا الكائن المفرط في الضخامة ليس همُّه
سوى قتل الدجاجة، إذن من حق الدجاج أن يتخبَّط في كل جدران الحظيرة قبل أن يلقى
مصرعه لمجرَّد رؤية هذا الثَّعلب، لكن الله رحيم، حتى وإن حقَّر الدجاج فإنه أيضًا
يشمله برحمته، ورحمة الله جعلت الدجاج عموما لا يمكنه الرؤية ليلًا، إنه في الليل
يكون أعمى تمامًا، أعمى بحيث يمكن لثعلب غشيم أن يقطف من دجاج الحظائر بهدوء يشابه
هدوء بستاني محترف قَطْف ورد الحدائق، وهكذا يموت الدجاج دون معرفة بأنه يموت، فقط
لحظة اختراق النَّاب لرقبته يدرك أنه ربما الآن يموت فيطلق قأقأة ملتاعة لا تخرج
من منقاره، وإنما تخرج من قطع الرَّقبة الذي عمله نابا الثَّعلب، وهكذا يبقي
الثَّعلب في أمان، فالدجاجة المقتولة لا يمكنها تحذير أيَّة دجاجة، وأيَّة دجاجة
أخرى لا يمكنها معرفة أن دجاجة ما قد قُتلت، فتمر الليلة، ويأتي الصباح ليلقى
بنوره على عشة دجاج خاوية على عروشها ملأ الريش والدم ساحتها، وربما تناثرت على
أرضيتها بعض رؤوس الدجاج المُمَزَّق، هذا ما يحدث غالبًا لدجاج العشش، لتضاف إلى
رذائل الدجاج رذيلة أخري مقيتة، وهي أنه يموت دون أن يشعر.
***
اليهودي
ابن
اليهودي
لا يذبح لسد جوع، وإنما يذبح للتمتُّع، فهو لا يقتل دجاجة واحدة أبدًا، رغم أن نصف
دجاجة كاف جدا لحشو معدته العفنة، لكنه يتمتَّع، يتمتَّع بنوافير الدم الدافئ وهي
تَرُش رذاذها على وجهه الماكر، يتمتع بكونه يخطف الحياة من الأجساد دون ضجيج،
وكلما زادت أعداد الجُّثث زاد داخله الشعور بأنه الأقوى والأقدر، وأنه الكائن
الوحيد الذي يجب أن تكون له العزَّة والمهابة والجبروت، وأن يملأ نسلُه الأرض، وأن
يمتطي كل ثعلب من نسلِه ظَهْرَ مائة دجاجة، وأن يأكل في كل وجبة مائة دجاجة.
الثَّعلب
يهودي، واليهودي فاسق فاتك، والفاسق الفاتك يتجبَّر دائمًا على المنكوبين بالضعف
والوهن، والدرس الكبير الطالع من الأزمنة والتواريخ إنه على المنكوبين بالضعف
والوهن تدور الدوائر، وينقلب عليهم ظهر المِجن، ويسخر منهم الله فيسلِّط عليهم
الضئيل الهزيل، هذا اليهودي الثَّعلب.
***
هاجم الثَّعلب العشَّة التي بها الدجاجة
العمياء، ولسبب ما لم يُوقِع الثَّعلب بالعشَّة خرابًا هائلًا، لسبب ما ترك
الثَّعلب العشَّة ومضى دون أن يقتل كل الدجاجات، لابد من أن هذا السَّبب قاهر،
فالسَّبب الذي يجعل ثعلبًا يترك عشَّة بها فرائس سهلة لابد وأن يكون سببًا قاهرًا،
ربما يكون قد رأى كلبًا، أو شعر باقتراب كلب، أو رأى آدميَّا ما، أو حركة ما
مفاجئة في مكان قريب منه، أو أي شئ آخر، المهم أن الخراب الذي لحق بالعشَّة كان
بسيطًا، فليس أكثر من خمس دجاجات قد لقت مصرعها، وسقطت ممزَّقة الرِّقاب، وتدمير
عدد لا بأس به من البيض، وجرح كل الدجاجات الباقية جروح متفاوتة الخطورة، ما عدا
الدجاجة العمياء! هي الوحيدة التي لا قُتلت ولا جُرحت، هي الوحيدة التي بقيت سليمة
تمامًا! هي الوحيدة، الوحيدة.
***
الله لم يحتقر الدجاج فقط، الله غضب عليه أيضًا
فوهبه ميزة لم يمنحها إلا للملعونين، للضالين المنبوذين، إن الله جعل الدجاج في
ذروة وقت الشدَّة يأكل بعضه بعضًا، ويشرب الحيُّ منه دم الميِّت، ولا يقتله الحزن
على أجنَّته المسفوحة من البيض المدمر، وإنما يَلُغُّ بشراهة في سوائل أجنَّته
الدافئة، وهذا ما حدث بالضبط في هذه العشَّة، أول ما بزغ نور الصباح، وأمكن للدجاج
أن يرى، انطلق القادر منه إلى الجُّثث وأخذ ينقرها، ينقرها بعنف، ويقتطع من لحم
الرِّقاب غذاء مريَّا، وغير القادر زحف إلى البيض المدمر، وأخذ يلعق سوائله
اللزجة، وبعضه نقر الدم المجمد وأكله بمتعة، استمتع الدجاج الناجي بدم ولحم الدجاج
القتيل، استمتع بالتهام أجنَّته المهدرة، استمتع دون محاولة معرفة ما الذي حدث! ما
الذي أوقع هذه الكارثة!
في واقع
الأمر خصَّ الله الدجاج بميزة أخرى جعلته كائنًا غاية في القبح والتفاهة، إنه لا
يستشعر أبدا وقوع كارثة، إنه دائمًا متهيئ لأي وضع، وطالما تهيأ فهو قادر على
الاستفادة من أيَّة ظروف، وطالما هناك استفادة ما من أي ظرف فليست هناك كارثة
أبدا!
***
وليمة
اللحم والدم ممتعة، مُسْكِرة من فرط اللذة، الدجاجات نقرت بعضها شرهًا وطمعًا
بطريقة غير واعية، إذ كانت الدجاجة تنقر نفسها أحيانًا، هذا النقر مصحوبًا بالقأقآت
الحادَّة، قأقآت تبيِّن لمن يسمع فقط دون أن يري أن حدثًا جللًا قد وقع، وليس من
أحد في طليعة هذا الصباح يسمع فقط دون أن يري سوي هذه الدجاجة الرشيقة العمياء،
الواقفة تهز رأسها كأنها ترى! الواقفة وقفة ثقة ليست جديرة بها أبداً دجاجة،
وعمياء!
***
ربما من حق هذه الدجاجة العمياء وحدها أن تقف
هكذا متشامخة، فالحق أنها الوحيدة التي أدركت أن ما حدث كان نتيجة لهجوم ثعلب، وأن
ما حدث كارثة، وأن الكارثة ليست فقط لكون ما حدث قد حدث، ولكن لأنه من الممكن جدَّا
أن يتكرَّر مرَّة أخرى، بل إنه سيتكرر تأكيدا مرَّة أخري، وربما مرَّات عديدة أخرى،
هي وحدها التي تتمتَّع بذاكرة حافظة، ذاكرة تطلعها على تاريخ الدجاج، تاريخ الدجاج
الذي لا يزيد عن تاريخها نفسه! فأيَّة دجاجة لا تفعل أكثر أو أقل من أيَّة دجاجة
أخرى، التشابه، التماثل، هذا الفعل الذي يمحى وجود أيَّة أعمال فاصلة، أو بالأحرى
أعمال يمكن أن تصلح كشمندورات يمكن الاهتداء بها في بحر الزمن، لذلك تاريخ الدجاجة
- أية دجاجة - هو تاريخ غاية فى القصر والبساطة، فيبقى كائنًا محاطًا بالجهل،
ومحاطًا بالعجز عن التعلم، وعن الطموح، لكن هذه العمياء كانت الفلتة، هي الوحيدة
فريدة ودُرَّة كل عصور الدجاج، إنها تتذكر، وتعرف تاريخًا لها، وتاريخها فيه ما
أدماها كثيرًا، منذ أن تهدَّمت جدران بيضتها وخرجت للكون كتكوتا، إنها نظرت إلى
العالم في مثل نفس هذا الظرف الذي تمر به العشَّة الآن، وكادت تُقتل بمناقير
الدجاج، ليس بكل المناقير، وإنما بمنقار واحد، منقار بالغ الرَّهافة والحِدَّة،
ضرب جدار البيضة من الخارج قبل أن تضربه هي من الداخل فهشَّمه، كان منقار دجاجة
عرفت فيما بعد أنها أمُّها، أمُّها التي قبض عليها ابن آدم بيديه، وبأداة حادَّة
وهَّاجة قطع رقبتها، وألقى بها إلى الأرض لِتُفَرْفِط وتتخبط في الجدران
والصَّوامع، ورأت بأم عينيها الدجاجات وهي تسرع مبتهجة إلى دم أمِّها وتمتصُّه
بتلذُّذ، وكان دم أمِّها هو أول دم دجاجة ذاقته في حياتها، لذيذًا، وشربت منه حتى
شبعت، كانت صغيرة، لم تدرك بعد أنها مختلفة، وظلَّت لا تدرك أنها مختلفة حتى جاءت
الليلة المختلفة، الليلة التي هجم فيها ثعلب مجنون وطاح في العشَّة بلا خبرة،
فتصايح الدجاج مرعوبًا من الخطر الذي لا يراه، وتخبَّطت بدورها في كل الأرجاء،
وقأقأت صارخة لما فقأ عينها اليمنى شىء مدبَّب، والفزع عمَّ وطمَّ، والكل يقأقئ،
وصرخت مرة أخرى عندما فقأ عينها اليسرى شئ مدبَّب، وقأقآتها اختلطت بقأقآت
الأخريات، والألم في هذه الليلة دوَّار، والقأقآت المرتعبة صدحت في سماء الليل،
ولما هرب الثَّعلب لسبب ما، بقيت قأقآت أنين الألم، والدجاجة الفريدة كانت تئن، تتألم،
وتعرف أنها تتألم، لكنها لم تدرك أنها صارت عمياء، فهي في الليل لا ترى، شأن كل
الدجاج، وحتى لمَّا طلع النهار، وشعرت حولها بدبيب الصباح، ظنَّت أنه ليس الصباح،
وإنما هذا من أحداث الليلة المُريعة، وظلت أيامًا طويلة تعتقد أن الليل مستمر، وأن
الظلام دام، ولم تظن أبدًا أنها صارت عمياء.
***
الله رحيم،
إذا ابتلى بالنِّقم خفَّف بالنِّعم، فإذا ما أخذ البصر منح البصيرة، والأعمى أحكم،
والأعمى إما صانع ضحك لا يُبارَى، وإما صاحب فلسفة، أخذ الله بصر الدجاجة فمنحها
البصيرة، وأخذ منها القأقأة وأعطاها الحكمة، فأحبَّت التأمل، وفكَّرت أول ما
فكَّرت في ذهاب بصرها، وفقئ عينيها، وكيف تم، هل بمخالب الثعلب أم بمناقير الدجاج؟
إذا كانت المناقير هي السبب فاللدجاج العذر، لأن الخوف يصنع المعجزات، وخوف الدجاج
بالذَّات قاتل، لكن ما العمل إذا كان السَّبب هو مخلب الثَّعلب؟
***
الوادي
أسفل الجبل امتلأ بملايين من طيور الدجاج، تجمعت لسماع حكمة الدجاجة العمياء، كان
الدجاج يَرْبِش الأرض بمناقيره وأرجله فيثير غبارًا كثيفًا، الأشجار وطيور السماء
ورمل الأرض تنظر بتعجُّب إلى دجاج لا حصر له ولا عد ينقر التراب، غير مبالٍ أبدا
لدجاجة عمياء وقفت على أعلى جذع في أكبر شجرة جميز تقأقئ وتقأقئ وتقأقئ.

إرسال تعليق