لا أبادر بدخول شات صديقات صفحتي على الفيسبوك.
قد أفعل مع صديقات حقيقيات على أرض الواقع؛ وحتى مع الحبيبات اللواتي مررن بساحة القلب في الأيام الخوالي كنت أسوق التُّقل،
فلا أبادر إلا قليلا، أو: إلا نادرا.
لكن بادرت بدخول شات صديقات معدودات على أصابع اليد الواحدة، لملاحظتي غيابهن، بيني وبينهن رابط كتابة، تكون قارئة أو كاتبة، فأسعى إلى السؤال عنها.
وإلى وقت قريب،
كنت أفتح الخاص إذا استقبلت إخطارا بوجود رسالة، أبدأ برسائل الأسماء الأنثوية، لن ترسل لي سيدة، أو بنت، رسالة إلا لأمر جاد، واعتدت
مخاطبتهن بمنتهى الاحترام والإجلال، ولو طلعت الواحدة (شمال).
لي رأي في سيدات
الفيسبوك المنظور لهن على أنهن (شمال): معظمهن لسن شمالا، واليمينيات لسن يمينا
بالضرورة.
الجميع (إلا من
رحم الله) يضع قناعا.
و(الشمال) على
الفيسبوك ظروفهن قاسية، الله وحده أعلم بها، والمعلوم من العاطفة بالضرورة هو أن
الإنسان يحتاج إلى الحب، في حين طباعنا الشرقية صحراء جرداء، لا قطر ولا عين ماء، صخر صلد لا تنبت فيه كلمات الحب، وثبت بتجاربنا الشخصية أن سماع كلمة عاطفية واحدة له مفعول
السحر.
ولنا في النبي، صلى الله عليه وسلم، اعتبار وعبرة.
قال أحد صحابته، وقد مر أمامهما رجل من أهل الصلاح
والتقوى: أنا أحب هذا الرجل. فسأله النبي العظيم: "أأخبرته بذلك؟"، قال الصحابي:
لا. فأمره: "اذهب، فأخبره".
اذهب يا رجل وقل له: إني
(أحبك)؛ فليس كافيا أن تحب فلانا، أخبره بذلك، ليسمع بأذنيه هذه الكلمة التي ترد الروح. الكلمة الخلاقة.
هذا بين الرجلين، والصديقين، ومن كل ذكر اثنين، فكيف برجل يحب زوجته، ثم يُعتقل لسانه عن قول كلمة حب لها، أو امرأة تهوى زوجها، ثم لا تهمس في أذنيه بكلمة حب!
طيب: كيف الحال والعلاقة
أصلا غير قائمة على الحب، أو على حب انقصم واندثر؟
نساء محرومات، ورجال محرومون، والفيسبوك متنفس على المشاع، فتح نافذة في الغرفة المغلقة تطل على بساتين العشق وحدائق الحب، ثم إذا بالبساتين والحدائق تتحول إلى مستنقعات، وبلاعات، ومواخير لممارسة الهوى!
جنس شفوي بالسماع والصورة!
وكل محروم مع محرومته؛ ملايين من أوكار الخفافيش
تنبض ليلا.
صديقة أسوانية دخلت
الخاص عندي، عرضت بضاعتها عيني عينك، وطلبت مني مشاركتها وقتا أحمر في الافتراضي
الأزرق. أنا روائي، لا أغلق الباب أمام شخص يتصرف بشكل خاطئ، أفتح الباب لأفهم البشر.
هم مادتي، خصوصا (الشواذ)، أقصد: الذين يخالفون القاعدة. الذين يتصرفون بغير ما
استقرت عليه طبيعتنا.
استفهمتها عن
الكيفية التي يمكن بها تفعيل مشاركة حمراء بين رجل وامرأة بينهما ألف كيلو متر!
قالت: بالصوت
والصورة؛ وبالكتابة برضه يا روح قلبي.
وإذا بها تفيض بسيل عرمرم من صور إباحية، وصور شخصية لها زي ما ولدتها أمها، ملمومة، ومفرودة، وعلى كل الأوضاع يا باتيستا! ومع الصور أرفقت شِويَّة تأوهات، على شوية تأففات.
فيما أنظر إلى رسائلها بمزيج من الاندهاش والشفقة، انفتق ذهني عن سؤال: ما الذي
يدفع امرأة لفعل ذلك؟
السؤال ليس
لإدانتها، ربما محاولة استيعاب الكارثة التي تحيط بها، وبي، وبالمجتمع.
هناك من لا
يسقطن في هذا المستنقع مهما داهمتهن الكوارث، وهناك من لا ينقصها شيء، لكنها تستمتع
بالسقوط في هذا المستنقع استمتاعها بالسقوط في حمام سباحة. دعونا من هذين الصنفين،
لأن الأول صحيح بنفسه، والثاني فاسد بنفسه. هناك نوع ثالث صحيح تجبره الظروف على
الفساد، إذا انصلحت ظروفه عاد إلى صحته تائبا منيبا.
النوع الثالث هو معظم
شعب جمهورية (شِمال) الفيسبوكية.
غرف الدردشة غرف
خيانة، تضم كل واحدة منها رجلا وامرأة لا يحترم الواحد منهما نفسه، ولو قبلت
المرأة على نفسها فعل الخيانة (بطبيعتها مهيأة لذلك)، فكيف يقبل ذلك رجل نزيه حر!
قبل أيام، تعرفت
إليَّ صديقةٌ بنفس الطريقة: الشات.
وأنا مؤخرا لا أدخل
الخاص على تعدد الإشعارات، فغالبا ما يحمل طلبات متنوعة لست قادرا على تحقيقها
لأصحابها، لكن شيئا دفعني لقراءة رسالة هذه الصديقة تحديدا، وكانت بخصوص
وقائع أدبية تخصني، ثم هووووب، وفجأة، ودون سابق إنذار، حادت المحادثة (شمال)، بسرعة غير متخيلة،
خاطفة كالبرق، اشتعل الجحيم، وقرقع الرعد.
حادت إلى
أقصى شمال يمكن تخيله.
لم أستطع تلبية طلبها، أو استغاثتها، فقط تابعت المراقبة: صورتها فاتنة الحسن.
هي تتلظى بحالها الجهنمي وأنا أتأمل جمالها، ملائكية فتانة؛ ثم، خبطت البنت في ذهني، أعرف هذه البنت جيدا، وعذبتني لوقت!
عرفت السبب الذي دفعني لقراءة رسالتها أولا دون غيرها، إنها بطلة قصتي
"سمكة فاتنة وموزونة"، نفس رشاقتها، نفس جنونها، نفس غرائبيتها؛ العاشقة
العارية الصادحة بآيات حبها وهي ترتقي درجات منبر مسجد السلحدار بشارع المعز، يشويها العشق.
قلت لها: مريم.
إنت بطلة قصة كتبتها قبل عشر سنوات.
لم تصدقني!
قضيت ليلتي ساهرا معها..
سطع الإشراق، هدأت عاصفتها الشبقية..
البنت لا يمين، ولا شمال؛ البنت عاشقة، تقضي حياتها في سجن رجل جلمود صخر حطه السيل من عل.
أما أنا، فوجدتني عاشقا من جديد؛ سمكتي الفاتنة الموزونة في نهر مِش نهري.

طول عمرك مبدع ياخمابسي
ردحذفحبيبي أبو طالب العزيز .
حذفبالتوفيق يا أديبنا الجميل
ردحذفومبروك على المدونة
وأذكرك ونفسي ب " ولا تقربوا" وب "ما تركت فتنة من بعدي أشد على الرجال من النساء"
حبيبي ربنا يرضى عنك.
حذفأزال المؤلف هذا التعليق.
ردحذفلم يزل المؤلف أي تعليق أميرة هانم .
حذفولكن الا يعتبر هذا الفضول ومشاركة السباحة مع السمكة الفاتنة نوعا من الخيانة؟ ام ان تلك التجارب بريئة ولو ارتدت ثوب الخيانة
ردحذفانت وضميرك . لو أكملت المحادثة وهدفك خبيث تبقى خيانة .. ولو اكملتها وكأنك بتكلم صديقة في وسط معلن في مواضيع عادية فمش خيانة . والله اعلم
حذف