U3F1ZWV6ZTM4MjQwMDIxNTE0NTAyX0ZyZWUyNDEyNTExMjIxODk0Ng==

أخي الصغير


 


مطر الشتاء لا يمحو الوجه الكشر الملطوع على النافذة الزرقاء، لكنه ليس وجهًا واحدًا، على هذه النافذة وجه، وعلى تلك النافذة وجه، وهناك وجه، ووجه، ووجه، إنهم ألف ألف وجه يصرخون: "غضب الرب والناس عليك إلى يوم الدِّين". وأنا أكابر، وأؤمن بوعد الشيطان: "إننا صحبة"، هكذا قال لي إبليس: "إننا صحبة، في الليل نلعب ونحب ونسرق، ونتمتع بهذا الطيب الصاعد من المجامر المشتعلة بجوار الأَسِرَّة الحمراء".

 

    الآن أسمع صوت عادم ماكينة الري كأنه صوت كلب مريض يعطس: "تشك.. تشك.. تشك".

أخي الصغير يضحك كلما دَفَعْتُه فوق السلم حتى يسرع في الصعود، السكين في يدي حاد النصل، والنَّصل يبرق تحت القمر، النَّخيل عمالقة وقفت فى صمت تحرس بيوت البلد، هذا النَّصل يمس الرَّقبة فيجِزَّها وأحصل على رضا إبليس.

يصعد أخي السلم، وعلى كل درجة وقف غراب أسود كبير.

 

أخي مازال يضحك، وضحك أكثر عندما مددته على سطح البيت، وقلبته على بطنه، قلت: "للحب أنشودة لا هي غناء ولا هي ترنيم، إنها شئ آخر قد يكون في جوفك يا أخي الصغير".

نصل السكين فات في لحم الرقبة كما يفوت في قطعة جبن، وعندما سال الدم هطل مطر الشتاء أكثر، وكل الغربان السُّود طارت ورفرفت فوق الرَّأس الضَّاحك دوائر دوائر.

 

صوت قبقاب يصعد على السُّلم له صدى ينتفخ، إبليس على سطح القمر قاعد، صاح: "أمك طالعه على السلالم".

ماء المطر صار على السطح الآن بحيرة لونها أحمر، جُثة أخي تعوم، الغربان فوق الرأس تحوم، أمي ترتدي السواد، وجهها هو نفس الوجه الكشر الملطوع على النوافذ الزرقاء، قبقابها له صوت كقرع طبل، خاضت في الماء وعدلت الجثة ثم أسندتها إلى الحائط، أمسكت الرأس ووضعته فوق الجسد فارتفعت ضحكة أخي الصغير، وعلا نعيب الغربان، أمي أخذت بيده وسارا معا ناحية السلم، يأتيني صوت القبقاب هابطا، وتأتيني ضحكة أخي مبتعدة، وأنا هنا على السَّطح ملقى في الدم، حول رأسي تحوم الغربان، يخترق طبلة أذني نصل السكين، وصوت عطاس الكلب المريض.

تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إرسال تعليق

الاسمبريد إلكترونيرسالة