U3F1ZWV6ZTM4MjQwMDIxNTE0NTAyX0ZyZWUyNDEyNTExMjIxODk0Ng==

قراءة في رواية "الوصفة رقم 7" لأحمد مجدي همام

 


تبدأ رواية "الوصفة رقم 7"، للمِصريّ "أحمد مجدي هَمَّام"، بالحديث عن دولة لم يكفل نظامها الحاكم أَيًّا من حقوق المواطنة الطَّبيعيَّة لشعبها، ما يُلجئ هذا الشَّعب إلى تعاطي المُخدِّرات، ليخطف بتعاطيها أوقاتًا من السَّعادة الوَهميَّة.

 لكن النِّظام يُصعِّد اضطهاده لشعبه إلى حرمانه من تلك السَّعادة المُزيَّفة، فيمنع المُخدِّرات. لا يصبر الشَّعب على هذا المنع فيحاول الحصول عليها بشتَّى الطُّرق.

 "مليجي الصغير"، الشَّخصيَّة الرَّئيسة في الرِّواية، يبدأ في إجراء العديد من التَّركيبات الكِيميائيَّة والعُضويَّة، مُجرِّبًا بضع وصفات، للحصول على تأثير يماثل تأثير المُخدِّرات.

 تفشل جميع الوصفات إِلَّا الوصفة رقم 7.

 وبينما يُدخِّن "مليجي الصغير" أَوَّل سيجارة محشوَّة بتركيبة هذه الوصفة، فيما يشاهد على شاشة التِّليفزيون المُمثِّل "أحمد زكي" يتقافز مُغنِّيًا "أنا في اللابوريا.. الأها أها إيه"، ينفصل عن عالمه ليتيه في عالم غَرائبيّ داخل أرض اسمها "اللابوريا"! مُكوَّنة من 7 أقاليم مُتوهَّمة، حيث الصِّفات الجَسديَّة لسُكَّانها إِمَّا إنسَانيَّة مُحرَّفة حَيوانيًّا! وإِمَّا حَيوانيَّة مُحرَّفة إنسَانيًّا! فهناك الإنسان القِزميّ  في أرض "الحراصيد". والإنسان نصف الجسد في صحراء "القفر". والإنسان المُتحيوٍن في "أباشيريا". والإنسان المُتعملق في "اتِّحاد عماليقيا". والإنسان الجَانّ في ساحل "دلهاب" من مملكة "الجساسة". وهكذا.

 يتَعرَّض "مليجي الصغير"، في أرض "اللابوريا"، لأحداث مغامرة طويلة، تنتهى في جزيرة "الكابوريا"، التي هي "أرض كل الخلق"، المشمولة بالسَّلام مع اختلاف طوائف مواطنيها وطبائعهم. يقابل هناك المُمثِّل "أحمد زكي"، الذي يُخيِّره بين البقاء في هذا العالم المُتوهَّم أو العودة إلى الأرض فيختار العودة. على أحد مسارح "كابوريا" يُغنِّيان سَويًّا "أنا في اللابوريا.. الأها أها إيه". وهكذا يزول تأثير الوصفة رقم 7، ويستفيق "مليجي الصغير" ليجد نفسه في كُرسيِّه، بين إصبعيه عقب السِّيجارة المنطفئ.

 إذا كُنَّا نبحث عن أداء مبتكر، داخل هذه الرِّواية، فإنَّه البحث غير المُجدي؛ فعلى مستوى البناء الرِّوائيّ، عمومًا، تَمّ تجاوز مرحلة السَّرد المَناميّ، أقصد استخدام الرُّؤيا المَناميَّة واقعًا صلبًا للسَّرد الرِّوائيّ، حيث الأحداث ليست غير حلم طويل يستفيق البطل بنهايته! كما أنَّ الأحداث نفسها، بشَخصيَّاتها الفاعلة، خرجت تقليدًا لأحداث وشَخصيَّات عوالم غَرائبيَّة سبق لنا قراءتها، ومشاهدتها، في العديد من الأعمال القَصصيَّة والأفلام الرِّوائيَّة العَالميَّة. مثل عوالم السِّندريلَّا، والأقزام السَّبعة، وعقلة الأصبع، والعمالقة، ومملكة الخواتم، و"هاري بوتر"، وغيرها الكثير.

 الرِّواية فَنّ عظيم؛ أظُنُّه موقظًا للوعي. راعيًا أمينًا للضَّمير الإنسَانيّ. حينما نكتبه فإنَّنا نرغب في قول شيء ما؛ مهما استغلق علينا استكناه طبيعته، فإنَّنا نستشعر نبله ورُقيَّه. على ذلك يكون ضَروريًّا الخروج من قراءة رواية ما بفائدة ما. بهذا المقياس، إذا صَحّ، فإنَّ "الوصفة رقم 7" ليست غير أحداث خَياليَّة متتالية خالية من المضمون الذي يرقى بها من السَّطحيَّة إلى العمق، قد تروق لمن هم في سِنّ المراهقة القِرائيَّة، الأقرب عقولهم للطُّفولة منها إلى النُّضج الذِّهنيّ.

 ظَلَّت اللغة سلسة، ممشوقة، عذبة، حتَّى ابتداء ثلث الرِّواية الأخير، عندما تجاوز أسلوب "أحمد مجدي هَمَّام" الرَّشاقة إلى الخِفَّة. لتنخطف منه الجملة خطفًا، فيلهث القارئ لهاثًا غير محمود؛ لا جريًا خلف الأحداث، وإنَّما جَرًّا وسحلًا بيد رِوائيّ أصابه الإجهاد فاستولت عليه الرَّغبة في إنهاء روايته، قطع سيره الوئيد ليهرول مُنهَكًا، ومُنهِكًا.

 مع كُلّ ما سبق أرى "الوصفة رقم 7" رواية عاكسة لقدرة كاتبها على التَّعامل الجامح مع الخيال. تلك القدرة التي لو أحكم "هَمَّام" القبض على رسنها، واستقر على صهوتها، فإنَّه سيكتب الرِّواية العظيمة دونما شَكّ.

 

 

 

  

 

 

 

 

 

 

   

 

تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إرسال تعليق

الاسمبريد إلكترونيرسالة